فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ جمهور السبعة: {وقاتلوا} {وقتلوا}، وقرأ حمزة والكسائي وقتلوا وقاتلوا يبدآن بالمبني للمفعول، ثم بالمبني للفاعل، فتتخرج هذه القراءة على أن الواو لا تدل على الترتيب، فيكون الثاني وقع أولًا ويجوز أن يكون ذلك على التوزيع فالمعنى: قتل بعضهم وقاتل باقيهم.
وقرأ عمر بن عبد العزيز: {وقتلوا} {وقتلوا} بغير ألف، وبدأ ببناء الأول للفاعل، وبناء الثاني للمفعول، وهي قراءة حسنة في المعنى، مستوفية للحالين على الترتيب المتعارف.
وقرأ محارب بن دثار: وقتلوا بفتح القاف وقاتلوا.
وقرأ طلحة بن مصرف: وقتلوا وقاتلوا بضم قاف الأولى، وتشديد التاء، وهي في التخريج كالقراءة الأولى.
وقرأ أبو رجاء والحسن: {وقاتلوا وقتلوا} بتشديد التاء والبناء للمفعول، أي قطعوا في المعركة.
{لأكفرنّ عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار} لأكفرن: جواب قسم محذوف، والقسم وما تلقى به خبر عن قوله: {فالذين هاجروا} وفي هذه الآية ونظيرها من قوله: {والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم} {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} وقول الشاعر:
جشأت فقلت اللذ خشيت ليأتين ** وإذا أتاك فلات حين مناص

رد على أحمد بن يحيى ثعلب إذ زعم أن الجملة الواقعة خبرًا للمبتدأ لا تكون قسمية.
{ثوابًا من عند الله والله عنده حسن الثواب} انتصب ثوابًا على المصدر المؤكد، وإن كان الثواب هو المثاب به، كما كان العطاء هو المعطى.
واستعمل في بعض المواضع بمعنى المصدر الذي هو الإعطاء، فوضع ثوابًا موضع إثابة، أو موضع تثويبًا، لأنَّ ما قبله في معنى لأثيبنهم.
ونظيره صنع الله ووعد الله.
وجوّز أن يكون حالًا من جنات أي: مثابًا بها، أو من ضمير المفعول في: {ولأدخلنهم} أي مثابين.
وأن يكون بدلًا من جنات على تضمين، ولأدخلنهم معنى: ولأعطينهم.
وأن يكون مفعولًا بفعل محذوف يدل عليه المعنى أي: يعطيهم ثوابًا.
وقيل: انتصب على التمييز.
وقال الكسائي: هو منصوب على القطع، ولا يتوجه لي معنى هذين القولين هنا.
ومعنى: من عند الله، أي من جهة فضل الله، وهو مختص به، لا يثيبه غيره، ولا يقدر عليه.
كما تقول عندي ما تريد، تريد اختصاصك به وتملكه، وإن لم يكن بحضرتك.
وأعربوا عنده حسن الثواب مبتدأ، وخبرًا في موضع خبر المبتدأ الأول.
والأحسن أن يرتفع حسن على الفاعلية، إذ قد اعتمد الظرف بوقوعه خبرًا فالتقدير: والله مستقر، أو استقرّ عنده حسن الثواب.
قال الزمخشريّ: وهذا تعليم من الله كيف يدعى، وكيف يبتهل إليه ويتضرّع، وتكرير ربنا من باب الابتهال، وإعلام بما يوجب حسن الإجابة وحسن الإثابة من احتمال المشاق في دين الله والصبر على صعوبة تكاليفه، وقطع لأطماع الكسالى المتمنين عليه، وتسجيل على من لا يرى الثواب موصولًا إليه بالعمل بالجهل والغباوة انتهى.
وآخر كلامه إشارة إلى مذهب المعتزلة وطعن على أهل السنة والجماعة. اهـ.

.قال ابن كثير:

وقوله: {ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أضافه إليه ونسبه إليه لِيدل على أنه عظيم؛ لأن العظيم الكريم لا يعطي إلا جَزيلا كثيرًا، كما قال الشاعر:
إن يُعَذب يَكُن غَرامًا وإن يُـ ** ـعْطِ جَزيلا فإنَّه لا يُبَالي

. اهـ.

.قال الفخر:

روي عن جعفر الصادق أنه قال: من حزبه أمر فقال خمس مرات: ربنا، أنجاه الله مما يخاف وأعطاه ما أراد، وقرأ هذه الآية، قال: لأن الله حكى عنهم أنهم قالوا خمس مرات: ربنا، ثم أخبر أنه استجاب لهم. اهـ.

.قال الألوسي:

وقالت المعتزلة: إن الصغائر تقع مكفرة بمجرد اجتناب الكبائر ولا دخل للقربات في تكفيرها، واستدلوا عليه بقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سيئاتكم} [النساء: 31]، وحمله الجمهور على معنى نكفر عنكم سيئاتكم بحسناتكم وأوردوا على المعتزلة أنه قد ورد صوم يوم عرفة كفارة سنتين وصوم يوم عاشوراء كفارة سنة ونحو ذلك من الأخبار كثير، فإذا كان مجرد اجتناب الكبائر مكفرًا فما الحاجة لمقاسات هذا الصوم مثلًا؟ وإنما لم تحمل السيئات على ما يعم الكبائر لأنها لابد لها من التوبة ولا تكفرها القربات أصلًا في المشهور لإجماعهم على أن التوبة فرض على الخاصة والعامة لقوله تعالى: {وَتُوبُواْ إِلَى الله جَمِيعًا أَيُّهَ المؤمنون} [النور: 31] ويلزم من تكفير الكبائر بغيرها بطلان فرضيتها وهو خلاف النص.
وقال ابن الصلاح في فتاويه: قد يكفر بعض القربات كالصلاة مثلًا بعض الكبائر إذا لم يكن صغيرة، وصرح النووي بأن الطاعات لا تكفر الكبائر لكن قد تخففها، وقال بعضهم: إن القربة تمحو الخطيئة سواء كانت كبيرة أو صغيرة، واستدل عليه بقوله تعالى: {إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات} [هود: 144] وقوله صلى الله عليه وسلم: «أتبع السيئات الحسنة تمحها» وفيه بحث إذ الحسنة في الآية والحديث بمعنى التوبة إن أخذت السيئة عامة.
ولا يمكن على ذلك التقدير حملها على الظاهر لما أن السيئة حينئذٍ تشمل حقوق العباد، والإجماع على أن الحسنات لا تذهبها وإنما تذهبها التوبة بشروطها المعتبرة المعلومة، وأيضا لو أخذ بعموم الحكم لترتب عليه الفساد من عدم خوف في المعاد على أن في سبب النزول ما يرشد إلى تخصيص كل من الحسنة والسيئة فقد روى الشيخان عن ابن مسعود: «أن رجلًا أصاب من امرأة قبلة ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت الآية فدعاه فقرأها عليه فقال رجل: هذه له خاصة يا رسول الله؟ فقال: بل للناس عامة» ووجه الإرشاد إما إلى تخصيص الحسنة بالتوبة فهو أنه جاءه تائبًا وليس في الحديث ما يدل على أنه صدر منه حسنة أخرى، وإما على تخصيص السيئة بالصغيرة فلأن ما وقع منه كان كذلك لأن تقبيل الأجنبية من الصغائر كما صرحوا به، وقال بعض أهل السنة: إن الحسنة تكفر الصغيرة ما لم يصر عليها سواء فعل الكبيرة أم لا مع القول الأصح بأن التوبة من الصغيرة واجبة أيضا ولو لم يأت بكبيرة لجواز تعذيب الله سبحانه بها خلافًا للمعتزلة، وقيل: الواجب الإتيان بالتوبة أو بمكفرها من الحسنة وفي المسألة كلام طويل ولعل التوبة إن شاء الله تعالى تفضي إلى إتمامه، هذا وربما يقال: إن حمل السيئات هنا على ما يعم الكبائر سائغ بناءًا على أن المهاجرة ترك الشرك وهو إنما يكون بالإسلام والإسلام يجبّ ما قبله، وحينئذٍ يعتبر في السيئات شبه التوزيع بأن يؤخذ من أنواع مدلولها مع كل وصف ما يناسبه ويكون هذا تصريحًا بوعد ما سأله الداعون من غفران الذنوب وتكفير السيئات بالخصوص بعدما وعد ذلك بالعموم، واعترض بأن هذا على ما فيه مبني على أن الإسلام يجبّ ما قبله مطلقًا وفيه خلاف، فقد قال الزركشي: إن الإسلام المقارن للندم إنما يكفر وزر الكفر لا غير، وأما غيره من المعاصي فلا يكفر إلا بتوبة عنه بخصوصه كما ذكره البيهقي، واستدل عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بالأول ولا بالآخر وإن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر» ولو كان الإسلام يكفر سائر المعاصي لم يؤاخذ بها إذا أسلم، وأجيب بأنه مع اعتبار ما ذكر من شبه التوزيع يهون أمر الخلاف كما لا يخفى على أرباب الإنصاف فتدبر. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
{فاستجاب} بمعنى: أجَابَ ويتعدى بنفسه وباللام، وتقدم تحقيقه في قوله: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي}.
ونقل تاج القراء أن أجَابَ عام، واسْتَجَابَ خاص في حصول المطلوب.
قال الحسن: ما زالوا يقولون ربنا ربنا حتى استجاب لهم. وقال جعفر الصادق: من حزبه أمرٌ فقال خمس مرات ربَنا نجّاه مما يخاف، وأعطاه ما أراد، قيل: وكيف ذلك؟ قال اقرءوا: {الذين يَذْكُرُونَ الله قِيَامًا وَقُعُودًا} [آل عمران: 191] إلى قوله: {إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الميعاد} [آل عمران: 194].
قوله تعالى: {أَنِّي لاَ أُضِيعُ} الجمهور على فتح أن والأصل: بأني، فيجيء فيها المذهبان، وقل أن يأتي على هذا الأصل، وقرأ عيسى بن عمر بالكسر، وفيها وجهان:
أحدهما: على إضمار القول أي: فقال: إني.
والثاني: أنه على الحكاية باستجاب؛ لأن فيه معنى القول، وهو رأي الكوفيين.
قوله: {لا أضيع} الجمهور على {أضيع} من أضاع، وقرئ بالتشديد والتضعيف، والهمزة فيه للنقل كقوله: [الطويل]
كمُرْضِعَةٍ أوْلاَدَ أخْرَى وَضَيَّعَتْ ** بَنِي بَطْنِهَا هَذَا الضَّلالُ عَنِ الْقَصْدِ

قوله: {منكم} في موضع جر صفة لـ: {عامل}، أي: كائنًا منكم.
قوله: {من ذكر وأنثى} فيه خمسة أوجهٍ:
أحدها: أن مِنْ لبيان الجنسِ، بيِّن جنس العامل، والتقدير: الذي هو ذكرٌ أو أنثى، وإن كان بعضهم قد اشترطَ في البيانيةِ أن تدخلَ على معرَّفٍ بلامِ الجنسِ.
ثانيها: أنَّهَا زائدةٌ، لتقدم النفي في الكلام، وعلى هذا فيكون {مِّن ذَكَرٍ} بدلًا من نفس عَامِلٍ، كأنه قيل: عامل ذكر أو أنثى، ولكنْ فيه نظرٌ؛ من حيثُ إنَّ البدلَ لا يُزاد فيه من.
ثالثها: أنها متعلقة بمحذوف؛ لأنها حالٌ من الضمير المستكن في مِنْكُمْ؛ لأنه لما وقع صفة تحمَّل ضميرًا، والعامل في الحال العامل في مِنْكُمْ أي: عامل كائن منكم كائنًا من ذكر.
رابعها: أن يكون مِنْ ذكرٍ بدلًا من مِنْكُمْ؛ قال أبو البقاء: وهو بدلُ الشيء من الشيء، وهما لعين واحدة.
يعني فيكون بدلًا تفصيليًّا بإعادة العامل، كقوله: {لِلَّذِينَ استضعفوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} [الأعراف: 75] وقوله: {لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ} [الزخرف: 33] وفيه إشكالٌ من وجهينِ:
الأول: أنه بدل ظاهر من حاضر في بدل كل من كل، وهو لا يجوز إلا عند الأخفش، وقيَّد بعضُهم جوازه بأن يفيد إحاطة، كقوله: [الطويل]
فَمَا بَرِحَتْ أقْدامُنَا فِي مَكَانِنَا ** ثَلاَثَتُنَا حَتَّى أرينَا الْمَنَائِيَا

وقوله تعالى: {تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] فلما أفاد الإحاطةَ والتأكيدَ جاز، واستدل الأخْفَش بقول الشَّاعرِ: [البسيط]
بِكُمْ قُرَيْشٍ كُفِينَا كُلَّ مُعْضِلَةٍ ** وَأمَّ نَهْجَ الْهُدَى مَنْ كَانَ ضِلِّيلا

وقول الآخرِ: [الطويل]
وَشَوْهَاءَ تَعْدُو بِي إلَى صَارِخِ الْوَغَى ** بِمُسْتَلئِمٍ مِثْلِ الْفَنِيقِ المُدَجَّلِ

فقريش بدلٌ من كم وبمستلئم بدل من بي بإعادة حرف الجر، وايس ثَمَّ إحاطة ولا تأكيد، فمذهبه يتمشى على رأي الأخفشِ دون الجمهورِ.
الثاني: أن البدلَ التفصيليّ لا يكون بأو إنما يكون بالواو؛ لأنها للجمع.
كقولِ الشّاعرِ: [الطويل]
وَكُنْتُ كَذِي رِجْلَيِنِ رِجْلٍ صَحِيحَةٍ ** وَرِجْلٍ رَمَى فِيهَا الزَّمَانُ فَشَلَّتِ

ويُمكن أن يجابَ عنه بأن أو قد تأتي بمعنى الواو.
كما في قول الشّاعرِ: [الكامل]
قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَتَهُمْ ** مَا بَيْنَ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أوْ سَافِعِ

فأو بمعنى الواو، لأن بين لا تدخل إلا على متعدد، وكذلك هنا لما كان عامل عامًا أبْدِلَ منه على سبيل التوكيدِ، وعطف على أحد الجزأين ما لابد له منه؛ لأنه لا يؤكَّد العموم إلا بعموم مثله.
خامسها: أن يكون {مِّن ذَكَرٍ} صفة ثانية لِعامل قصد بها التوضيح، فيتعلق بمحذوف كالتي قبلها.
قوله: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} مبتدأٌ وخبرٌ، وفيه ثلاثةُ أوجهٍ:
الأولُ: أنَّ هذه الجملةَ استئنافيةٌ، جيء بها لتبيين شركة النساء مع الرجالِ في الثَّواب الذي وَعَدَ الله به عباده العاملين؛ لأنه روي في سبب النزولِ، أنَّ أمَّ سلمة رضي الله عنها قالت: يَا رَسُولَ اللهِ إني لأسْمَع الله يذكر الرِّجَالَ في الهجرة، ولا يذكر النِّسَاءَ، فنزلت الآية.
والمعنى: كما أنكم من أصلٍ واحدٍ، وأن بعضكم مأخوذٌ من بعضٍ، كذلك أنتم في ثواب العملِ، لا يُثابُ عامل دون امرأةٍ عاملةٍ. وعبَّر الزمخشريُّ عن هذا بأنها جملة معترضة، قال: وهذه جملةٌ معترضةٌ ثبت بها شركة النساءِ مع الرّجال فيما وعد اللهُ عباده العاملينَ.
ويعني بالاعتراض أنها جيء بها بين قوله: {عَمَلَ عَامِلٍ} وبين ما فُصِّل به عملُ العاملِ من قوله: {فالذين هَاجَرُواْ} ولذا قال الزمخشريُّ: {فالذين هَاجَرُواْ} تفصيل لعمل العاملِ منهم على سبيل التعظيمِ لَهُ.
الثاني: أنَّ هذه الجملَة صِفَةٌ.
الثالث: أنَّها حالٌ، ذكرهما أبو البقاءِ، ولم يُعيِّن الموصوف ولا ذا الحال، وفيه نظرٌ.
قال الكلبي: {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} في الدين والنصرة والموالاة.
وقيل: كلكم من آدم وحوَّاء، وقال الضّحّاك: رجالكم شكب نسائكم، ونساؤكم شكل رجالِكم في الطاعات؛ لقوله: {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71].
وقيل: مِنْ بمعنى اللامِ، أي: بعضكم لبعض ومثل بعض في الثّواب على الطاعة والعقاب على المعصية.
قال القفَّالُ: هذا من قولكم: فرن مني، أي: عَلَى خلقي وسيرتي. قال تعالى: {فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] وقال عليه السَّلامُ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» فقوله: {بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ} أي: بعضكم شبه بعض في استحقاق الثوابِ على الطَّاعة والعقاب على المعصية.
قوله: {فالذين هَاجَرُواْ} مبتدأ، وقوله: {لأُكَفِّرَنَّ} جواب قسم محذوف، تقديره: والله لأكَفِّرَنَّ، وهذا القسم وجوابه خبر لهذا المبتدأ. وفي هذه الآية ونظائرها من قوله تعالى: {والذين جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] وقولِ الشاعر: [الكامل]
جَشَأتْ فَقُلْتُ اللَّذْ جَشَأتِ لَيَأتِيَنْ ** وَإذَا أتَاكِ فَلاَتَ حِينَ مَنَاصِ

رَدٌّ على ثعلبٍ؛ حيث زعم أن الجملةَ القسميةَ لا تقع خبرًا، وله أن يقول: هذه معمولة لقول مُضْمَر هو الخبرُ- وله نظائر.
والظاهرُ أن هذه الجُمَل- التي بعد الموصولِ- كُلَّها صِلات له، فلا يكون الخبرُ إلا لمن جمع بين هذه الصفاتِ: المهاجرة، والقَتْل، والقتال.